التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 20, 2024

حول اللحظات الأخيرة ليحيى السنوار… يا لها من صور يا أبا إبراهيم 

كان عدوك يقول إنك مختبئ تحت الأرض، لكنه أظهر بيده أنك فوق الأرض، وعلى بُعد أمتار منهم، وأنك كنت دائماً في مطاردة من قبلهم طوال هذا العام – كما كنت من قبل -؛ كان يقول إنك تستخدم الأسرى الإسرائيليين كدرعٍ لك، لكنه أظهر أنه لا يوجد أي أسير كدرع؛ كان يقول إنك مختبئ تحت الأرض وتقدّم الآخرين، لکنه أظهر بأنه كان يتحدث بكلام فارغ تماماً.

كان يقول إنك خائف… تلك العصا الأخيرة التي رميتها نحو طائرتهم المسيرة، رآها الجميع… أرادوا أن يظهروا عجزك، لكنهم نشروا عزيمتك، وأظهروا شرفك، وأبرزوا شجاعتك، وصمودك حتى اللحظة الأخيرة بجسدٍ متألم أمامهم وأمام العالم.

هم أنفسهم، من خلال وسائط ومن دون وسائط، -بأيدي أولئك الذين كانوا يعلمون أنهم يكذبون، وأولئك الذين لم يفهموا من غبائهم ما يقولون- روّجوا الشائعات بأنك جاسوسهم، ومع هذه الصور، اعترفوا بأن التعبير عن هذه الكلمات كان بحاجة ماسة إلی عقول مهترئة جداً!

نتنياهو وبقية المجرمين اجتمعوا ليهنئوا بعضهم البعض، لكن في تلك الصور نفسها كان الخوف المنتشر فيهم يصرخ؛ كانوا يخافون حتى من نشوتهم؛ لكن مشهدك كان يروي قصة أسدٍ يخشاه عدوه حتى من جثته التي لا حياة فيها؛ لم تكن لديهم الجرأة على الاقتراب من جسدٍ مقطوع اليدين، والذي لا يكاد يحتفظ بحياة.

منذ اللحظات التي انتشرت فيها شائعة استشهادك، انتابنا القلق؛ لدرجة أننا نتعجب من شدة هذا الشعور الذي استولى علينا، نشعر بقلبٍ مضغوط ومجروح، ونشهد الغضب الذي يتفجر، وبالتأكيد لا نستطيع أن نخفي شوقنا لامتلاك أبطالٍ مثلك…

ونحن نقرأ باستمرار قصة يحيى (عليه السلام)، وكلما تقدمنا، اقتربنا منك أكثر… هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ… فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ… أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (آل عمران، 38 و39)

أستحضر جزءًا من النص الجميل لـ “محمدرضا كردلو” في استعراضه لفيلم “الخروج” للمخرج الإيراني “حاتمي كيا”، حيث كتب: “كان زكريا نبي الله، والذي تعرض للسخرية والإهانة من الناس بسبب عدم إنجابه للأبناء، طلب من الله أن يمنحه ولدًا، وعلى الرغم من أن زكريا وزوجته إليزابت كانا في شيخوختهما، فقد منح الله “يحيى” لهما، ليكون بذلك سببًا في إحراج أولئك الذين كانوا يسخرون من زكريا، ويدفعهم للتوقف عن الاستهزاء، وفي الواقع، يضمن زكريا، ويمهّد له الطريق للعودة بين الناس”.

وأرى جزءًا من قصص الأنبياء التي كُتبت، حيث جاء فيها: “عندما تم فصل رأس يحيى، وسالت دماؤه على الأرض، بدأت الدماء في الغليان، حاول قوم بني إسرائيل أن يضعوا التراب فوق هذه الدماء ليخفوها، لكنهم لم ينجحوا، وظلت الدماء تغلي حتى حكم “بخت النصر” على بني إسرائيل، فقتل عدة آلاف منهم وانتقم لدم يحيى”.

وأقرأ أيضًا أنه قال: “بكت السماء والأرض على استشهاد شخصين: الإمام الحسين (عليه السلام) ويحيى (عليه السلام)، وكان الحسين (عليه السلام) يذكر يحيى كثيرًا في طريقه من المدينة إلى كربلاء”.

اللهم في هذه الساحة النهائية، في هذا التصدي لأخسّ ما أنجبت الشياطين، في هذه المعركة مع الكلاب المسعورة الدموية، لا تجعلنا من القاعدين والمتخاذلين، فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق