قرار يسلب الثقة
ان يعاود الاتحاد الاوروبي وفي خطوة غير مسبوقة وغير متوقعة باضافة 17 شركة ايرانية الى قائمة الشركات المشمولة بالحظر ولم يكن يمر بعد على اتفاق جنيف 3 اسبوعان، يعد خطوة استفزازية لا معنى لها وهي بالتالي تتعارض اساسا مع المسار الجديد الذي اختطه الغرب لحل الملف النووي الايراني سلميا وبعيدا عن المهاترات ولغة التهديد والوعيد والحظر العقيم الذي ثبت فشله.
وان كان هذا الحظر ليس جديدا بل يرتبط بقرار سابق يعود تاريخه الى 23 مارس عام 2012 بمواصلة فرض القيود على الشركات الايرانية ومن بينها شركة ادارة بناء المحطات النووية و16 شركة للملاحة لكن ان يتم احياؤه باثر رجعي فذلك يتعارض مع الاجواء الجديدة بين الطرفين والتي اكدت على روح التعاون والنوايا الحسنة للمضي قدما بتطبيق المرحلة الاولى لاتفاقية جنيف 3.
كان على الاتحاد الاوروبي ان يتريث كثيرا قبل ان يقدم على مثل هذه الخطوة التي تضر بمصداقيته واعتباره على انه طرف غير موثوق به ولايمكن الاعتماد بوعوده التي يقطعها على نفسه. واما اذا كان الاتحاد الاوروبي يناور من اجل كسب المزيد من الامتيازات من ايران فهو واهم لان الذي عجز عن اجبارها للتنازل عن حقوقها النووية المشروعة بالتهديدات والضغوط والحظر القاسي والمشل، فهو اعجز من ان يدفعها للتنازل من خلال جرها الى مفاوضات جديدة في هذا الشأن.
اما الامر المحير الذي توقف عنده المراقبون هو التناقض الصارخ في الممارسة الغربية فمن جهة يدفع باتجاه المزيد من الحظر المفروض سابقا – وان كان هذا لايتنافى مع الاتفاق الجديد بين الطرفين – ومن جهة اخرى نرى تهافت الشركات النفطية والصناعية على ايران لعقد صفقات جديدة في المجالات المختلفة. السؤال الذي يطرح نفسه كيف وقع الغرب على اتفاقية جنيف 3 لبدء مرحلة جديدة من التعاون وكسب الثقة بين الطرفين فيما يعود فجأة الى سابق عهده ليطرح ورقة الحظر على الشركات الايرانية على طاولة المحادثات عسى ان يجني بعض الثمار الموهومة.
على الغرب ان يدرك ان الممارسات اللااخلاقية والاستفزازية لاتوصله الى مبتغاه وان ايران التي جاءت الى طاولة المفاوضات طوعا وبجدية كما في السابق لحل الملف النووي الذي سيس زورا و بهتانا وكذلك ازالة التوترات الاقليمية والعالمية وليس كما يدعون ان الحظر اجبرها على ذلك، ستعود الى موقفها الى ما قبل الاتفاق والتي تكيفت اساسا مع الحظر وعلى الطرف الاخر ان يتحمل وامام العالم اجمع مسؤولية التنصل عن تطبيق الاتفاقية والاخلال بها ولم تدخل بعد حيز التنفيذ.
ان ايران وعبر فريقها الدبلوماسي الحصيف والخبير قد تعامل مع هذا الملف بمرونة الابطال التكتيكية دون ان يمس الثوابت الاستراتيجية للحقوق النووية التي هي حق قانوني ومشروع للشعب الايراني الذي اعلن صراحة وعلى لسان قائده وكبار مسؤوليه ان تخصيب اليورانيوم داخل ايران واستمرار العمل في المنشآت النووية خطوط حمر الى ابد الآبدين ومن لم يفهم ذلك فليبلط البحر.
اسرائيليون أكثر من “اسرائيل”!!
مهدي منصوري
المواقف المعادية والمتشددة من قبل الخليجيين ضد ايران وكل محور المقاومة اثار استغراب كل المتابعين لما يصدر او يكتب او يطرح في دولهم. رغم انه من الواضح لدى الجميع ان محور المقاومة لم يقم بأي عمل ضد هذه الدول الخليجية، بل ان ممارساته التي قام بها قد اصابت فقط الكيان الغاصب للقدس. وهنا سؤال مهم يدور في الاذهان: هل ان الصهاينة الذين اغتصبوا الارض الفلسطينية واضطهدو ولازالوا يضطهدون الشعب الفلسطيني الذي هو وكما معروف جزء من الامة العربية اصبحوا هم الاقرب الى قلوب الخليجيين من اخوانهم من المسلمين؟.
ولا اعتقد ان الاجابة بنعم على هذا السؤال تكفي في الاستدلال الى ما سنذهب اليه. الا اننا نجد ان حالة العداء التي اخذت تتفاعل لدى الخليجيين ضد محور المقاومة وحزب الله واضحة دلالتها وعنوانها وذلك لان الهزائم التي الحقها هذا المحور بالعدو الصهيوني والذي لايرونه عدوا ، كانت نتائجه فشل كل المشاريع الغربية خاصة الاميركية بالمنطقة، والتي كانت تتم بموافقتهم ودعمهم مما اعتبروا خسارتهم قبل خسارة الصهاينة، ولذلك فانهم لم يبق لديهم سوى ان يفعلوا ماكئة اعلامهم وما يملكونه من امكانيات في ضرب هذا المحور او اهزامه ان امكنوا، كما لايمكن ان نغفل ان الدعم اللامحدود للارهابيين والقتلة في سوريا قد يكون احد الفواصل المهمة في هذا المجال، الا وبعد مرور اكثر من عامين ونيف وجدوا ان الهزيمة قد اقتربت من هؤلاء الارهابيين وهو يشكل بالطبع ضربة قاصمة لمشروعهم ضد محور المقاومة.
وجاء الاتفاق النووي بين طهران والدول الغربية قاصمة القواصم والذي ليس فقط أربك معادلاتهم بل أوضح حقيقتهم وبشكل فاضح من انهم والاسرائيليون أكثر من أخوة وأصدقاء بل انهم حلفاء لان تعالى صوتهم بالرفض وبنفس الوتيرة التي اعلنت فيه تل ابيب ذلك. لا بل انهم تقدموا عليها وذلك بأنهم بدأوا يتخذون القرارات المجحفة التي أخذت تطال ارزاق العاملين في دولهم بذريعة اجراءات ضد مصالح حزب الله وهذا ما اعلنه بالامس الامين العام لدول مجلس التعاون عبد اللطيف الزياني في تصريح صحفي من ان: “وزراء الداخلية بحثوا عددا من الاجراءات اللازمة ضد مصالح حزب الله والمنتسبين له والمتعاونين معه في دول مجلس التعاون” والذي يتمعن بهذا القرار يجد وبصورة لاتقبل النقاش ان الاجحاف الفاحش يلف القرار وبصورة بعيدة عن الانسانية، والا هل يمكن ان يتعامل مع من لا يرتكب أي جرم او مخالفة ان يعاقب لانه يحمل في داخل افكاره تأييدا لحزب الله. وهل يوجد في القوانين الدولية والانسانية ما يؤيد الصورة على الاحكام الجائرة؟.
الا اننا وفي نهاية المطاف لابد لنا من ان نقول ان اسرائيل والتي بلغت بجرائمها ضد الشعب الفلسطيني حدا لايطاق الا انها لم تصدر قرار كقرار مجلس التعاون ضد الفلسطينيين، مما يعكس انهم ليس قد سبقوا اسرائيل في هذا المجال بل يمكن القول انهم اصبحوا اسرائيليون اكثر من اسرائيل. ولكن وفي نهاية المطاف نحذر من مغبة واثار مثل هذه القرارات والتي قد تأتي نتائجها عكسية جدا بحيث ستكون عاقبتها وخيمة عليهم قبل غيرهم.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق