التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

صراع القوة .. ام صراع الحضارات 

د . ماجـــد أســد 

اذا سلمنا بالتعريف الكلاسيكي للحضارة كونها ثمرة العقل البناء للوجود البشري وكون الحضارة قيمة عليا لامكانات تحقيق الوجود الانساني العادل و الجميل فان سؤال اينشتاين المعقد و الواضح ايضا اي لماذا تطورت العضلات اكثر مما تطور الضمير الانساني .. يفرض علينا التفكير بعمق و نحن نواجه اسئلة غاية في الارباك و الغموض و في مقدمتها : لماذا يؤدي الصراع بين الحضارات الى الثروة المتمثلة بالحروب و سفك الدماء ؟ فهل تفرض طبيعة الوجود البشري هذا السلوك الغريب و الشاذ الذي لا نجد مثيلا له في مملكة الحيوان او النبات او الجماد !!

لسنا بصدد اجابات حاسمة و اخيرة .. بل هذه الاسئلة تقود الى الاسئلة .. فمنذ كان للانسان خبرة تراكمية واعية و جمالية ، اي خبرة حضارية تمثل ازمنته و تمثل قيمه و معتقداته كانت شرارة ( القتل ) سمة اولى له. فالقتل الاول حدث بين قابيل و هابيل. و الانسان ، الفرد يمارس القتل يوميا ملايين المرات و بهدوء تام : انه يمارس القتل من اجل البقاء .. فالغذاء الذي نتناوله هوشهادة على هذه الممارسة لكن الرهان جاء بفعل اشراقة ما غير واضحة لعمل الدماغ البشري ، و ذلك عندما صار الكفاح يخص تهذيب الطبائع ، وتحديد الاهداف المشتركة للجماعات السكانية و بالتالي في عصرنا لتحديد مصير سكان الارض بلا استثناء .

ولكن لماذا شهد التاريخ ويلات و سفك دماء و صراعات بلا حدود ؟

و لماذا لم يستطع البعد الحضاري ان يضع الحد المطلوب لنمو العضلات على حساب نمو الضمير الذي هو احد اشكال الحضارة ؟

من ذا يستطيع القول بشيء ذي نفع ونحن في عصر يشهد مئات الانتهاكات الحضارية ام علينا ان نقول : ان هذه المآسي تحدث باسم ( الحضارة) وترتدي رداء القوة باسم العدل ؟ ام ان طبيعة التقدم البشري في هذا الشكل الغزيب و المخيف و المفزع هو جزء من جوهر الشكل الحضاري و اعماقه ؟

اذن هل تستسلم الشعوب لهذا الحكم الغامض .. ام ان ( الدورات ) الحضارية محكومة بقوانين لا علاقة لها بالعقل البشري و لا بالكفاح الحضاري اصلا ، او انها هكذا بلا حل ، و الشعوب تكافح كأن قدرها ارتبط بهذا الكفاح .. والحضارة في الاخير هي حضارة هذا الصراع القائم على القوة !!

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق