التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

بين ردّ الجميل ونكرانه ! 

بقلم / عبدالرضا الساعدي 
يقول الخبر الذي نشرته إحدى الصحف البريطانية مؤخرا (لم يتنكر مليونير صيني لأهالي القرية التي ولد وترعرع فيها، كما يفعل الكثيرون عندما ينتقلون إلى حياة الترف والبذخ، بل قرر أن يهدم الأكواخ البائسة التي كانوا يعيشون فيها، ويبنى لهم مساكن فاخرة مكانها ) .
المليونير الصيني  هذا _بحسب صحيفة دايلي ميل  المذكورة _  اسمه  شيونغ شيهوا (54 عاماً) وقد ولد في قرية شيونغ كينغ، التابعة لمدينة شينيو جنوبي الصين، وكانت عائلته تتلقى الدعم والمساندة من أهالي القرية في طفولته وبعد أن تمكن شيونغ من جمع الملايين في صناعة الصلب، قرر أن يسد الدين لأهالي القرية، من خلال إعادة بناء مساكن حديثة وتوزيعها على السكان
.
وقبل سنوات، تمت إزالة جميع الأكواخ والمنازل الطينية في القرية، ونقل سكانها إلى منازل مؤقتة، قبل أن يعاد بناء المنازل على الطراز الحديث، وعادت 72 عائلة إلى قريتهم، ليتمتعوا بنمط جديد من الحياة الفاخرة في منازلهم الجديدة.
وتلقت 18 عائلة كانت الأكثر عوناً لعائلة شيونغ في طفولته معاملة خاصة، ومنحت كل منها فيلا خاصة في المشروع الذي وصلت قيمته إلى حوالي 7 مليون دولار.
وبعد انتقال جميع العائلات إلى منازلها الجديدة، وعد شيونغ بتقديم 3 وجبات طعام يومية لكبار السن ومحدودي الدخل.
وأكد شيونغ أنه يحب أن يسدد ديونه بشكل دائم، لذلك حرص على أن يرد الجميل للأشخاص الذين ساعدوه وساعدوا أسرته عندما كان طفلاً صغيراً.

عندما نقرأ مثل هكذا خبر ، نشعر بالحسرة والأسف والتمّني أيضا ، لأننا طيلة أعمارنا لم نسمع مثل هكذا اعتراف بالجميل من قبل مسؤول سياسي واحد كان لا يملك فلسا ، فأصبح يملك بفضل سلطته ، المال والجاه والنسيان !
المال والجاه والسلطة حصل عليها _ هذا المسؤول _ بفضل الناس ممن كانوا يعرفوه ربما أو توهموا أنهم كانوا يعرفوه ، ومن حموه ووقفوا إلى جانبه وساندوه قبل أن يصل على موقعه الباذخ هذا ، وحين قبض على مقابض كرسيه أو عرشه الذي يطمح إليه ، أصيب بجلطة النسيان فجأة !!
مثل هذا المسؤول ينطبق عليه قول المتنبي  :
((إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ/ وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا ))
.
نشعر بالحسرة والأسف لأننا وثقنا بكذا شخص قد تمرد على ناسه وأهله وشعبه الذين لم يتصوروا في يوم انه سيكون السبب في حرمانهم من أبسط مستلزمات العيش ، بل لم يتخيلوا في لحظة ما  ، انه ربما سيكون السبب في حرمانهم وفقرهم و………….. حرمناهم حتى من بيوت سكناهم.
أي لئيم هذا ؟
وأي عاق
وأي مقنّع هذا يتستر بالمبادئ تارة ، وبالدين تارة أخرى وبالوطنية  ، وهو يبحث عن مصالحه وخزائنه ولعابه الذي يسيل من فقر شعبه وبؤسه ودمه ..
أليس هذا هو مشهد الكثير من السياسيين المسؤولين عن البلد وعن الشعب  الذين كشف الكرسي عن وجوههم الحقيقية ليتنكروا لجميل الناس الذين كان لهم الفضل في سلطتهم وثرائهم ونعيمهم غير المعقول .؟
ونشعر بالتمني أيضا ، في أن يولد لنا في المشهد القاتم هذا، وجه مضيء واحد من مثل ( شيونغ شيهوا ) الصيني ، مع إنه ليس مسلما ولا ينتمي إلى السياسة والمعارضة والشعارات الرنانة التي يرفعها ( جماعتنا الوطنيون السياسيون المخلصون والذين يدّعون الإسلام قبل كل هذا) !! .
القضية برمتها ، أخلاقية وإنسانية وقيمية ، وهذا صلب المشكلة لناكري الجميل ، فهل نتعلم من النماذج الإنسانية الراقية البعيدة عنا _زمانا أو مكانا  _ كيف نرد المعروف لمن انتشلنا من المجهول في يوم ما؟
لا أدري ولكننا نذكّر .. وللتجارب دروس وعبرة.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق