التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

مَيري كريسمس !! 

فالح حسون الدراجي

الكريسمس، هو يوم ميلاد يسوع عليه السلام، الذي هو محور الديانة المسيحية. والاحتفال بهذا اليوم، يكون مختلفاً بين شعب وآخر، ومدينة وأخرى، لكن الجميع يحتفل بهذا الميلاد الجميل، عبر تبادل الهدايا، ووضع شجرة الميلاد المضيئة، ووجود شخصية بابا نويل، والاجتماعات العائلية، وغير ذلك من مظاهر الفرح بهذا العيد المجيد.

علماً ان (تاريخ ولادة يسوع غير معروف بالضبط، لكن المسيحيين فضلوا منذ قديم الزمان، أن يكون يوم الخامس والعشرين من ديسمبر يوماً للميلاد الميمون. فقد وضع الرومان هذا التأريخ بعد تشكل تسعة أشهر من ذكرى البشارة-بشارة الملاك لمريم -التي تٌصادف الخامس والعشرين من شهر(آذار). وقد أعتبر يوم 25 ديسمبر ميلاداً ليسوع لأول مرة في القرن الرابع الميلادي (أي في زمن حكم الامبراطور قسطنطين).

ولو تعمقنا في حدث الولادة الكريمة للسيد المسيح، وقرأنا في إنجيل (لوقا)، وإنجيل (متي)، لوجدنا أنهما يركزان على جانبين مختلفين من الولادة. في حين أن إنجيل (مرقص) الذي يعتبر الإنجيل الاقدم والأكثر قيمة تاريخية حسب المعتقدات الدينية فهو لا يحتوي على إشارة لولادة السيد المسيح. ففي إنجيل لوقا مثلاً، يقول الملاك لمريم بأنها (ستحبل) بقوة الروح القدس. فتجيبه مريم، بأنها لم تزل عذراء، لكن الملاك يقول لها، لا يوجد شيء مستحيل عند الله.

بعد فترة يأخذها يوسف ويرحلوا من بيتهم في الناصرة إلى بيت لحم، لعمل تعداد سكاني هناك، في عهد القيصر أغسطس، لكنهما لم يجدا أي غرفة في الفنادق فمكثوا في اسطبل، وهناك ولدت مريم العذراء يسوع فذهب ملاك الرب كما في إنجيل(لوقا) إلى الرعاة في البرية وبشرهم بنشيد الفرح وهو:

(المجد لله في الأعالي.. وعلى الأرض السلام.. وبالناس المسرَّة)!

 وبعد ذلك البشير، ذهب عدد من الرعاة ليسجدوا للسيد المسيح، ويحتفلوا بمولده.

..                    ..                 ..                      ..   

كان هذا قبل أكثر من عشرين قرناً، حين احتفل عدد بسيط من الرعاة في البرية بمولد يسوع عليه السلام. أما اليوم فقد بات عدد (الرعاة) الذين يحتفلون بهذه الولادة الكريمة بالمليارات، ومواقع وأماكن افراحهم لم تتحدد بالبرية وحدها كما كان قبل أكثر من الفي عام، إنما صارت الكرة الأرضية كلها(برية) لهم، وأصبحت قارات الأرض السبع مواقع، وميادين لاحتفالات الناس بعيد مولد نبي المحبة والخير والتسامح والرحمة والفضيلة والسلام، فأينما تولي وجهك تجد الناس فرحين وسعداء ابتهاجاً بمولد يسوع سواء أكانوا مسيحيين، أو مسلمين، أو من طوائف، وأقوام أخرى،. وبات مشهد أشجار الميلاد المضيئة، ونشرات الفرح الضوئية المعلقة منظراً مألوفاً، وعادياً في كل أركان المعمورة.

وإذا كان المسيحيون يحتفلون بمولد يسوع لأسباب دينية، ويرون أنه (ابن الله)، فإن المسلمين يحتفلون به أيضاً لأنه النبي الذي بشّر بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.

لذلك نجد أن للسيد المسيح مكانة خاصة لدى المسلمين، حتى أن القرآن الكريم ذكر اسم النبي عيسى 25 مرة، بينما لم يذكر النبي محمد باسمه الكريم سوى أربع مرات.

كما أن الله ذكر مريم العذراء وولادتها المباركة مرات عديدة، في سورة عمران، يقوله تعالى: :

   (و َإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)

كما قال سبحانه وتعالى في سورة مريم:

(اذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا)..

كما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذكر مريم العذراء، فقال ممجداً:

(كَمُل من الرجال كثير، ولم يَكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد)!!

ولو مضينا الى القلوب العاشقة لهذا النبي المتسامح حتى مع أعدائه، سنجد الكثير من الذين تعلقوا بخلقه، وتسامحه، وجمال روحه، ليس في أوساط المسيحيين فحسب، بل وفي جميع الأديان، بما في ذلك الدين الإسلامي.

وعلى هذا الأساس يحتفل أغلب العراقيين اليوم، سواء من الذين يعيشون في العراق، أو في المهجر بمولد يسوع عليه السلام، ويتبادلون التهنئة والتحية والسلام بهذه المناسبة الكريمة، والأجمل ان المسلمين والمسيحيين العراقيين يتبادلون هذه التحية، وهذه التهنئة الجميلة أكثر من غيرهم. فقد تلقيت اليوم عشرات المكالمات والرسائل المهنئة.. وكلها تقول لي: (ميري كريسمس)..     وأنا (المسلم) أقولها هنا للجميع، وأولهم الى المسيحيين العراقيين في كل مكان، والى مسيحيي العالم: ميري كريسمس !!

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق