شاركوا آلامكم لتزداد روابطكم!
إنَّ مشاركة الآلام والمشاكل مع الآخرين يزيد من الترابط الاجتماعي والتعاون. إذ شعورك بعدم المرور لوحدك بتجربة مؤلمة للغاية سيجعلك أكثر احتمالاً للمشاكل. ووجدت دراسة جديدة أنه على الرغم من الأحداث غير السارة لها التي تمر بها إلاَّ أن تبادل الخبرات المؤلمة قد يزيد في الواقع الترابط الاجتماعي ويشجع على التعاون.
لذا، أجرى الفريق الباحث بقيادة بروك باستيان في جامعة New South Wales الأسترالية ونشر في مجلة Psychological Science في أيلول 2014 سلسلة من التجارب لتحديد كيفية تأثير الألم على الترابط الاجتماعي. اختير 54 طالباً للقيام بالتجربة الأولى وتمَّ تقسيمهم إلى مجموعات صغيرة. وطلب من بعض الطلاب وضع يد واحدة في دلو من الماء البارد حيث وضعت كرات معدنية في أسفله. وطلب من الآخرين القيام بالمهمة نفسها، عبر وضع يدهم في دلو يحتوي على ماء حرارته كحرارة الغرفة التي تواجدوا فيها. وفي مهمة أخرى، طلب من بعض الطلاب أداء قرفصاء مستقيمة بالقرب من جدار، بينما طلب من الآخرين تنفيذ مهمة غير مؤلمة عبر محاولة تحقيق التوازن عبر الوقوف على ساق واحدة، مع خيار تبديل الساقين.
وبعد ذلك سأل الطلاب مجموعة أسئة لتقييم البيانات المرتبطة بالتجربة مثل “أشعر بأني جزء من مجموعة المشاركين” أو “أشعر بالولاء تجاه المشاركين الآخرين” وذلك من أجل قياس مدى تأثر الفريق ببعضهم البعض وكيف أثرت المهام على الترابط بين المشاركين داخل المجموعات. وعلى الرغم من وجود فروقات إيجابية وسلبية في العواطف بين المجموعات الذين عانوا الألم وأولئك الذين لم يعانوا من بعض الآلام، وجد الباحثون أن أولئك الذين أدوا مهاماً مؤلمة برزت لديهم مستويات أعلى من الترابط في ما بينهم.
وفي تجربة ثالثة، تم تقسيم الطلاب إلى مجموعات مختلفة حيث تعيَّن على البعض تناول الفلفل الحار جداً لحثهم على عدم الراحة، بينما لم يتناول آخرون طعاماً غير حار. وبعد ذلك شاركوا في لعبة وطلب من كل فرد اختيار رقم من واحد إلى سبعة. وقيل لهم أنه إذا اختارت المجموعة كافة الرقم سبعة، ستكسب مبلغاً كبيراً من المال، ولكن إذا اختار الجميع أرقاماً مختلفة، فسيحصلون على نسبة متدنية من المال. من بعدها وجد الباحثون أن الأفراد داخل المجموعات الذين أدوا مهاماً مؤلمة اختاروا أرقاماً أعلى، مما يدل على أن هؤلاء الأفراد كانوا أكثر حماساً للعمل كمجموعة، ولو على حساب الفوز بمال أقل.
ولاحظ الباحثون أن المشاركين في الدراسة والذين تمَّ اختيارهم عشوائياً، لم يملكوا قواسم مشتركة سوى أنها شاركوا في المهمة نفسها. وقال الباحث بروك باستيان أنَّ “النتائج أظهرت أن الألم عنصر قوي في إنتاج الترابط والتعاون بين الأشخاص الذين يتبادلون الخبرات المؤلمة”، مضيفاً: “إن مثل هذه التجارب المؤلمة قد يكون أمراً شائعاً في حياتنا اليومية”.